كتبت: سماح عاشور
يعيش نحو 7 آلاف أسرة في مشفة كبيرة نتيجة معاناة أطفالها من فقدان وضعف السمع، والذي يحتاج إلى زراعة قوقعة لعدم نجاح السماعات العادية في إعادة السمع لهم.
كيف تعمل الأذن؟
يقول الدكتور حسام عبد الغفار، أستاذ أمراض السمع والإتزان، إن الأذن الطبيعية تلتقط الصوت ومن خلال حركة الطبلة وعظيمات الأذن والغلاف الذي يغطي الأذن الداخلية تتحول الحركة لإشارات كهربائية، تلتقطها قوقعة الأذن وتنقلها للعصب السمعي، الذي ينقلها بدوره إلى الدماغ، وعندما تتوقف القوقعة عن تحويل الإشارات الصوتية إلى كهربائية، في هذه الحالة نستبدل القوقعة بتوصيلة تقوم بتحويل ذبابات الصوت إلى إشارات كهربائية.
ويضيف:”يتم اللجوء للجهاز الإلكتروني نتيجة عدم قدرة الأذن القيام بهذا الدور، فالجهاز يأخذ الصوت الطبيعي ويحول لإشارات كهرومغناطيسية كي تعمل القوقعة المزروعة”.
ما هي زراعة القوقعة؟
ويتابع:”زراعة القوقعة هي عملية لاستعادة السمع عند الأشخاص الذين يعانون من ضعف تام بالسمع ولا يستفيدوا من السماعات العادية، موضحًا أن زراعة القوقعة عبارة عن جهاز يتكون من جزئين؛ جزء خارجي يتم تركيبه خلف الأذن، وجزء داخلي يتم زرعه داخل قوقعة الأذن، وهي عبارة عن سلك طويل في حدود 2.5 مل طول القوقعة العادية، يدخل داخل القوقعة ويأخذ شكلها”.
وظيفة القوقعة
ويشير أستاذ أمراض السمع، إلى أن القوقعة هي الجزء المسئول عن استقبال الأصوات، وعندما يتوقف عن تأدية وظيفته لا فائدة من استخدام السماعات، لأنها مكبرات صوت، يتم استخدامها عندما تستقبل الأذن الصوت ضعيف، فتوم بتكبير الصوت، وفي حالة عجز القوقعة عن استقبال الصوت نهائيًا نلجأ لزراعة القوقعة، ليقوم الجزء المزروع بدور القوقعة، لافتًا إلى أن القوقعة هي الحاسة الوحيدة التي يمكن استعادتها مرة أخرى جراحيًا بنجاح.
بعد العملية
ويوضح أنه يتم تركيب جهاز القوقعة بعد فترة لا تقل عن أسبوعين إلى 4 أسابيع بعد العملية، ثم فك الرباط بعد أسبوع، وبعد الأسبوع الثاني يتم تركيب الجهاز إذا كان الجرح التئم أو على الأسبوع الثالث، والأسبوع الرابع بداية تشغيل الجهاز.
التأهيل
وينوه دكتور حسام عبد العفار، بأن هناك تدريب مكثف للطفل على الأقل لمدة عام أو عامين بعد عملية زراعة القوقعة، إلا أن الدور الأكبر يقع على عاتق الأم، وعليها أن تعتبر أن طفلها ولد من جديد، مشيرًا إلى أن الطفل الطبيعي يبدأ يسمع على 6 شهور دون كلام، وينطق أول كلمة على سن عام، وهكذا فإن الطفل الذي يزرع قوقعة يحتاج أن تمده الأم بكل المخزون اللغوي الذي لم يحصله مما يحتاج مجهود كبير، وعلى الأم أن تتحدث مع طفلها كثيرًا، وتسمعه موسيقى، إلى جانب دور دكتور التخاطب 3 أو 4 مرات في الأسبوع.
حالات لا تصلح معها زراعة القوقعة
ويستطرد أستاذ أمراض السمع:”فترة النمو اللغوي في الأطفال تستمر منذ لحظة الولادة حتى سن 4 أو 5 سنوات، فمن يعاني من ضعف سمع بعد هذا السن من السهل تركيب قوقعة له، وذلك أسهل من الطفل المولود بدون حصيلة لغوية”، إلا أن الطفل المولود بضعف في السمع، وتم اكتشافه متأخرًا بعد سن 5 سنوات، أو اكتشافه قبل 5 سنوات ولكن أهمل علاجه، لا تفيده زراعة القوقعة.
الوقاية من ضعف السمع
ويوضح أن منظمة الصحة العالمية، أكدت أن 60% من أسباب ضعف السمع يمكن تجنبها، ومن أكثرها شيوعًا عند الأطفال التهابات الأذن الوسطي والارتشاح خلف طبلة الأذن، وذلك نتيجة عادة خاطئة أثناء الرضاعة، وهي أن يرضع الطفل والأم نائمة فيحدث ارتجاع للأذن مسببًا التهاب، لذلك لابد من تعليم الأمهات الطريقة السليمة للرضاعة، ولابد أن يكون الطفل مرتفع عن الصدر بـ45 درجة، حتى نتجنب ضعف السمع.
وينبه بأن عدد المصابين بضعف السمع في مصرأعلى من المعدلات العالمية، وخاصة في المحافظات التي يرتفع فيها زواج الأقارب، فمن بين كل 1000 طفل يولد يوجد 6 او 7 أطفال يعانون من ضعف السمع.
ممارسة الرياضة والسباحة بعد العملية
ويشير إلى أنه مع بداية فكرة زراعة القوقعة عام 1983، كانت فكرة ممارسة السباحة والرياضة أمر صعب، لكن مع التطور والسعي لتحسين حياة الإنسان، وأن ضعاف السمع يستحقون أن يعيشوا بشكل طبيعي، تطورت الأجهزة لتسمع بإمكانية السباحة وممارسة الرياضة، فيتم تركيب غطاء للجهاز أثناء العوم، وباتت الأجهزة أكثر قوة لتتحمل النشاطات الرياضية، مع االابتعاد عن النشاطات العنيفة، وأصبح من حق ضعيف السمع أن يحضر حفلات موسيقية أو أن يعزف إلى غير ذلك من أنشطة الحياة الطبيعية.
ويؤكد أن مصر متقدمة في الناحية الفنية سواء في العمليات الجراحية، أو إعطاء دورات تدريبية للدول المحيطة في زراعة القوقعة، كما تعتبر مصر الدولة الأولى في مجال التأهيل في الشرق الأوسط.
تحديات تواجه زراعة القوقعة
ويفيد بأن التحدي الأكبر الذي يواجه زراعة القوقعة هو ارتفاع سعر الجهاز الذي يتجاوز 15 ألف دولار حاليًا، وكانت الدولة تدفع نصف قيمة الجهاز، ثم هيئة التأمين الصحي أخذت على عاتقها أن تدفع كامل القيمة تقريبًا، لكن بعد تعويم الجنيه ارتفعت الأسعار بشكل كبير، فنفذت الدولة فكرة الشراء المجمع، وهو ما حقق نجاح كبير بأن تشتري الدولة جهاز القوقعة بنفسها بقيمة أقل بكثير تصل إلى 5 آلاف دولار، وتقدمه للمريض، وبذلك لم يؤثر التعويم على عمليات زراعة القوقعة.
ويتابع:” نواجه مشكلة كبيرة أيضًا، وهي أننا نحتاج لإجراء نحو 3 آلاف عملية زراعة قوقعة في السنة، ولكن حاليًا نجري فقط ما بين 1500 إلى 2000 عملية في السنة”.