كتبت: سماح عاشور وأسماء سرور
نعاني جميعًا من ألم الصداع في حياتنا اليومية، ولا يوجد شخص لم يعهد ألم الصداع، حيث تقدر عالميًا من نصف إلى ثلاثة أرباع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18- 65 عامًا قد أصيبوابالصداع، لو مرة مرة واحدة خلال العام 2015، ومن بين هؤلاء الأشخاص هناك نسبة 30٪ أو أكثر عانوامن الصداع النصفي.
والصداع هو ألم في الرأس أو الفروة أو الرقبة، وقد يشتد ويطول، فيجعل من الحياة عذابًا لأصحابها، وهو كثير الأسباب، فقد يكون بسيطًا وربما كان خطيرًا ينم عن وجود أمراض خطيرة، وللأسف السبب الرئيسي للصداع غير معروف، فهو يتداخل مع الكثير من التدخلات الطبية ما بين الباطنة والمخ والأعصاب وأنف وأذن وحنجرة وعيون، وأخيرًا الشق النفسي.
تحدثت «شفاء» مع عدد من الأطباء من مختلف التخصصات للتعرف على أسباب الصداع، والأنواع المختلفة له، والأمراض التي يدل عليها وطرق العلاج.
أنواع الصداع
يقول الدكتور أحمد سمير أبو حليمة، أستاذ الأمراض الباطنة بطب عين شمس، إن الصداع عبارة عن ألم في الرأس سواء كلي أو جزئي، مشيرًا إلى أن أنواع الصداع متعددة ويجهلها الكثير من الناس، وتنقسم إلى مجموعتين، حيث تشمل المجموعة الأولى أمراض تصيب الأوعية الدموية والعضلات وأعصاب الرأس والرقبة، وقد تنتج أيضًاعن التغيرات في النشاط الكيميائي في المخ.
ويوضح أن أنواع الصداع الأولي تشمل:
١- صداع التوتر
وهو أكثر أنواع الصداع الأولية شيوعًا، وعادة مايبدأ هذا الصداع ببطء ويزداد تدريجيًا في منتصف أو نهاية اليوم، وقد ينتشر الألم إلى الرقبة، ويمكن أن يكون صداع التوتر إما عرضيًا أو مزمنًا، وعادةً ماتكون النوبات العرضية بضع ساعات، لكنها يمكنأن تستمر لعدة أيام، ويحدث الصداع المزمن لمدة ١٥ يومًا أو أكثر لمدة ٣ أشهر على الأقل.
2- الصداع النصفي: وهو الصداع الثاني الأكثرشيوعًا للصداع الأولي ويمكن أن يكون له تأثير كبيرعلى حياة الشخص المصاب به، وقد يستمر الصداعالنصفي من بضع ساعات إلى ما بين يومين لثلاثةأيام، وقد يسبب الصداع النصفي ألمًا نابضًا عادة على جانب واحد من الرأس، و قد يكون الألم مصحوبًا بعدم وضوح الرؤية والدوار والغثيان.
٣- الصداع العنقودي: ويدوم الصداع العنقودي عادة ما بين 15 دقيقة الى 3 ساعات، ويحدث فجأة، من مرة واحدة حتى ثماني مرات في اليوم لمدة تتراوح من أسابيع إلى شهور، ثم تزول الأعراض وقد تستمر هذه الفترة الخالية من الصداع من أشهرإلى سنوات.
والألم الناجم عن الصداع العنقودي يكون في جانب واحد ويكون شديد يؤثر عادة حول عين واحدة، وقدتصبح المنطقة المصابة حمراء ومنتفخة وقد يتدلى الجفن، وقد يحدث في الممر الأنفي على الجانب المصاب إما انسداد أو سيلان.
ويضيف أبو حليمة، أن المجموعة الثانية من أنواع الصداع هي الصداع الثانوي، ويحدث بتاثير سبب معين علي الأعصاب الحساسة للألم في الرأس، ويوجد منه عدة أنواع تتمثل في:
١- الصداع المرتد: وينتج هذا الصداع عن الارتداد نتيجة الاستخدام المفرط لأدوية علاج الصداع، وهوالسبب الأكثر شيوعًا للصداع الثانوي، وعادة مايبدأ في وقت مبكر من اليوم ويستمر طوال اليوم وقديتحسن مع علاج الألم، ولكن يتفاقم عندما تضعف آثاره و يمكن أن يصاحب بآلام الرقبة، والأرق واحتقان الأنف وانخفاض جودة النوم.
٢- صداع الرعد: وهو صداع حاد ومفاجيء، ويصلإلى الحد الأقصى من الشدة في أقل من دقيقة واحدة ويدوم لمدة أطول من ٥ دقائق، وغالبًا ما يكونصداع الرعد ثانويًا في الحالات التي تهدد الحياة، مثل نزف الدم داخل الدماغ، التجلط الوريدي الدماغي، تمدد الأوعية الدموية الممزقة، التهابالسحايا والسكتة النخامية، ويجب على الأشخاص الذين يعانون من هذه الصداع المفاجيء، والشديدأن يطلبوا التقييم الطبي فورًا.
٣- أسباب أخرى مثل ضغط الدم المرتفع، والتهاب الجيوب الأنفية، وضعف النظر، بالإضافة إلى خشونة فقرات الرقبة وغيرها.
وعن علاج الصداع، يوضح أستاذ أمراض الباطنة، أن أهم نقطة في العلاج هو تشخيص السبب بدقة وعلاجه، بالإضافة الي الراحة ومسكنات الألم.
الصداع النصفي
ويصرح الدكتور محمد أسامة عبد الغني، أستاذ طب المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، رئيس شعبة الصداع بالجمعية المصرية، بأن الصداع النصفي تحديداً مرض عصبي تصحبه أعراض عصبية تعجيزية، وهو ثالث الأمراض الأكثر انتشارًا في العالم بمعدل انتشار يقدر بحوالي 14,7% – حيث يؤثر في 1 من كل 7 أشخاص تقريبًا .
ويوضح أن أعراض الصداع النصفي تشمل ألم شديد نابض متكرر الحدوث، عادة ما يصيب جانب واحد من الدماغ وقد يصحب نوبات الصداع النصفي أعراض أخرى مثل الانزعاج البصري، والغثيان، والقيء، والدوخة، والحساسية الشديدة للصوت والضوء واللمس والروائح.
ويتابع: على الرغم من أن أسباب الإصابة غير مفهومة، إلا أن العوامل الوراثية والبيئية يبدو أنها تلعب دورًا هامًا في الإصابة بالصداع النصفي.
من جانبه، يقول د.ماجد عبد النصير، أستاذ أمراض المخ و الأعصاب كلية الطب-القصر العينى وأمين عام الجمعية المصرية للأعصاب “يؤثر الصداع النصفي تأثيرًا سلبيًا شديدا في حياة المرضى، مضيفاً أنه تم تصنيف الصداع النصفي عالميًا من من أكثر الأمراض المسببة للعجز، لأنه يجعل الشخص غير قادر على العمل أو ممارسة حياته الطبيعية بشكل عادي.
وتعليقًا على ضعف الوعي بالصداع النصفي، يقول الدكتور رامز رضا، أستاذ طب الأعصاب بجامعة عين شمس، الرئيس المشارك لمؤتمر الشرق الأوسط و افريقيا للصداع: “بوجه عام، لا تلقى الآثار الاجتماعية الناتجة عن الإصابة بالصداع النصفي قدرًا كافيًا من الانتباه، حتى من جانب أخصائيين الرعاية الصحية.
ويتابع قائلا: «يظل الصداع النصفي دون تشخيص وعلاج ملائم فيما لا يقل عن نصف المصابين، ومن ناحية أخرى، فأقل من نصف المصابين بالصداع النصفي عمومًا يقومون باستشارة الطبيب أو يشعرون بالرضا عن علاجهم الحالي، وهناك حاجة واضحة وماسة لعلاج أكثر فاعلية يمكن الاعتماد عليه».
صداع الجيوب الأنفية
يعد صداع الجيوب الأنفية من أكثر أنواع الصداع انتشارًا، ويحتل المرتبة الثانية بعد الصداع النفسي، ويحدث هذا النوع من الصداع بسبب التهاب الجيوب الأنفية، وغالبًا ما يصاحبه ارتفاع في درجة الحرارة، وتورم في الوجه وشد فى الرقبة وعظام الفخذ، وتكون أعراضه عبارة عن ضغط شديد وألم في الجبين بمنطقة الحاجبين وتحت العينين، والألمعادة يحدث عند تحريك الرأس بشكل حاد، ويشعر المريض أيضًا بانسداد بالأنف والشعور بالتعب.
ويعاني المصابون بصداع الجيوب الأنفية من الصداع النصفي والصداع الناتج عن التوتر، وقد يستدعي الأمر اللجوء إلى بعض العلاجات والأدوية التي تقلل من حدة ألمه.
وحول هذا يقول الدكتور سمير أشقر، رئيس قسم أنف وأذن وحنجرة جامعة القاهرة سابقًا، إن تشخيص الصداع يحتاج إلى 4 تخصصات هم “باطنة، عيون، أنف وأذن وحنجرة، مخ وأعصاب”، والمهم أن يقدر المريض مكان الألم وأي تخصص يلجأ إليه.
ويفيد بأن الجيوب الأنفية من أكثر الأشياء التي تسبب الصداع، فيعاني المريض من انسداد في الأنف وإفرازات سائلة شفافة وعطس بالإضافة إلى حكة بالأنف، وعندما يتلون السائل، فهذا يعني أن الجيوب الأنفية بدأت تلتهب، مشيرًا إلى أن الجيوب الأنفية عبارة عن تجاويف وغرف موجودة بالأنف،وعندما يحدث انسداد بهذه التجاويف يحدث ضغط حول العينين والخدين والجبين، فيشعر المريض بالصداع.
ويؤكد أن صداع الجيوب الأنفية مختلفة عن الصداع الناتج عن أسباب أخرى، فالصداع قد يكون بسبب الضغط العالي أو الضغط المنخفض، أو أنيما أو إمساك، أو اضطراب في الدورة الدموية، أو الإجهاد، أو اضطراب السائل حول المخ.
ويشير إلى أن الصداع الناتج عن التهاب الجيوب الأنفية يتركز حول العين من ناحية الأنف، ولكن إذا كان الصداع خلف الرأس يعني ذلك بأن الضغط عالي، وإذا انخفض الضغط يشعر المريض بعصبية زائدة وضغط على دماغه.
ويتابع أن المريض يستمر على العلاج لمدة أسبوعين، وإذا لم يستجب للعلاج لابد من إجراء أشعة مقطعية ومن ثم إجراء عملية الجيوب الأنفية بالمنظار، مشيرًا إلى أن حصول المريض على مسكنات قد يعالج الألم بعض الوقت لكنه لن يقضي عليه نهائيًا طالما سبب الألم موجود.
صداع العين
يقول الدكتور أشرف الهباق أستاذ طب وجراحة العيون بكلية طب بنها، إنه من الصعب على الشخص تحديد ما إذا كانت العين هي سبب الصداع أم لا، وغالبًا ما يتم تحويل الحالة من طبيب باطنة إلى طبيب عيون في حال عدم وجود أي أسباب مرضية تتعلق بتخصصه.
ويوضح أن الأسباب التي تتسبب في صداع العين قد تكون:
– ارتفاع ضغط العين لأنه إذا كان حادًّا يسبب صداعًا شديدًا مع ألم بالعين، لذلك من المهم فحص ضغط العين.
– الالتهاب القزحي لأنه يتسبب في ارتفاع ضغط العين
– وجود حساسية بدرجة عالية مع جفاف في العين
– التهاب وحساسية الجيوب الأنفية، حيث تنتشر تجاويف الجيوب الأنفية في كل أنحاء الوجه، وغالبًا ما تنعكس على العين.
– ضغط الدم المرتفع او المنخفض
– الاصابات او الكدمات في منطقة العين
– اللابؤرية أو “استجماتيزم” العين تعنى نوعًا من ازدواج الرؤية والتى لها أعراض مرضية كثيرة منها الصداع وعدم الراحة والزغللة.
ويوضح أن قصر او طول النظر لا يسبب الصداع، لكن “الاستجماتيزم” مع إجهاد العين، خاصة أمام الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة أو فى حالات طول فترات المذاكرة لفترات طويلة قد يتكرر الصداع.
ويضيف: غالبًا ما يقل الشعور بالصداع في حال الالتزام بارتداء النظارة الطبية المناسبة للمريض.
وينصح أستاذ طب وجراحة العيون، بإجراء فحص دوري للعين، خاصة إذا كان الأهل مصابون بارتفاع ضغط العين.
الصداع النفسي
ويسمى أيضًا الصداع التوتري، وهو الأكثر شيوعًاعلى مستوى العالم، وتظهر أعراضه على شكل ألم وخفقان فى الرأس والإحساس بالضغط حول جبينكوشدة الألم تزداد من الصباح إلى المساء.
ويهاجم الصداع التوتري الشخص على هيئة نوبات متكررة، ويشبه في إحساسه كأن الرأس مربوط بحبل حول الجبين، وفي بعض الحالات يمكن أنيكون الصداع التوتري مزمنًا.
يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إنه قبل تشخيص المريض بالصداع النفسي لابد من أن يمر على التخصصات الأخرى، لاستبعاد الأسباب العضوية للصداع، ولابد من معرفة توقيت ظهور الصداع ممدى تكراره والشكل الذي يأتي عليه، لافتًا إلى أن الصداع النفسي يظهر مع التوتر النفسي والضغوط الحياتية.
ويضيف أن الصداع النفسي يمسك جانبي الرأس ويسمى الصداع الضاغط، فيشعر المريض كأن حبل يلف حول رأسه، ويظهر مع التوتر والقلق، ولكنه لا يأتي منفردًا فلابد أن يصاحبه أعراض أخرى مع الأعراض النفسية مثل زغللة العين وجفاف الفم، وختقة الرقبة وآلام المعدة والقولون، وبرودة في الأطراف، ولابد من وجود 5 أعراض مع الصداع لتشخيصه بكونه صداع نفسي.
وينوه بأن الصداع النفسي يختفي أثناء النوموتختفي معه كل الأعراض المصاحبة له، ولا يظهر إلا في أثناء النهار مع التوتر، متابعًا أن علاج الصداع النفسي يعتمد على علاج السبب المؤدي له سواء كانت ضغوط نفسية أو اكتئاب أو قلق.
وينصح فرويز، بالاسترخاء في مكان هاديء بدون إضاءة، وتناول بعض المشروبات المهدئة مثل الينسون وتيليو وكركديه وكراوية، والقناعة بالرضا والمقسوم.